تمارسها ربات المنازل والخريجات العاطلات عن العمل......................... ......................
ارتاحت وداد السليمان من هَم كان ينغصها، فهي كموظفة بأحد المستشفيات تظل مشغولة على ابنها محمد الذي لا يزال في عامه الثالث، لساعات عملها الطويلة، لكن الوضع انقلب إلى راحة نفسية عندما اقترحت عليها جارتها فاطمة بالحل في احتضان طفلها فترة انشغالها بالعمل، خاصة أنها عروس ولم تنجب وجديدة في المنطقة بسبب انتقال زوجها لها، كما أنها عاطلة عن العمل رغم أنها جامعية، ولهذا ستنشغل به فترة بقاء زوجها في العمل، وهكذا تحولت من ربة منزل إلى حاضنة أطفال أو «بيبي سيتر».
هذا الحل ناسب الأم كثيرا، وزاد من طمأنينتها أن فاطمة شابة سعودية خلوقة ومتعلمة ولديها ثقافة واسعة، ومع أن فاطمة رفضت في البدء ان تتقاضى أجراً عن عملها كجليسة أطفال، إلا أن الوالدة أصرت على أن تقدم لها بدلاً مادياً، كان في بدايته هدية ولاحقاً أصبح الاتفاق بـ 1000 ريال تتقاضاها شهريا.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل بدأت الجارات العاملات يتشجعن للطلب من الـ «بيبي سيتر» فاطمة، احتضان أولادهن مقابل أجرة شهرية، ولأن زوجها لم يكن لديه أي مانع من قيامها بهذا العمل، خاصة أنها أصبحت تجني ما يقارب 6000 ريال شهريا، كان الأمر مشجعا لها، وفي أوقات أخرى كانت تجالس أطفالاً آخرين في المبنى نفسه أثناء وجود الأهل خارج المنزل في مناسبات معينة كالأعراس.
ومضت أشهر قليلة حملت فاطمة بطفلها الأول، وهنا كان لا بد من وجود مساعدة لها في عملها المنزلي، وكما تقول: «بدلا من أن أستعين بخادمة أجنبية فضلت عرض الأمر على صديقة لي لا تعمل، فاتفقنا على أن تعاونني في منزلي وتنوب عني عندما يطلب مني مجالسة أي طفل في منزله»، وبعد إنجابها لطفلها الأول شعرت أن الوقت أصبح أقل أمامها وتقول: «شعوري بالمسؤولية تجاه طفلي جعلني اقلل عدد الأطفال لدي»، وهكذا حوّلت بعض الأطفال إلى حضانة صديقتها·وأسماء م، إحدى المدرسات اللواتي تركن التعليم لظروف خاصة بدأت بالتعاون مع زميلة لها لاستقبال الأطفال في منزلهن، وكما تقول: «لأن الأمر فيه الكثير من الاستقرار بدل الاغتراب في مناطق بعيدة»، وحددت أسماء أوقات العمل من الصباح وحتى الظهيرة وطورت مهمتها من مجرد الرعاية إلى تعليمهم القراءة والكتابة والحساب والقرآن الكريم·هذه المميزات هي التي أصبحت لغة إعلانات الصحف التي تعلن عن وجود حاضنة أطفال سعودية بعد أن بدأن يتجرأن على إعلان عملهن الجديد في استقبال الأطفال في منازلهن تحت مسمى حضانة الأطفال، متغلبات على ثقافة العيب التي كانت تمنع المحتاجات والعاطلات لممارسة أي عمل شريف، وتفضل النساء أن ينشرن أرقام هواتف أزواجهن للمفاهمة معهم كي لا يتعرضن للمضايقات، وتوضح أمل· ن، إحدى حاضنات الأطفال، أنها لجأت إلى تقديم برامج مختلفة للأطفال حسب أعمارهم بين التعليم والترفيه·ولم تعد الإعلانات السبيل الوحيد للحصول على حاضنة أطفال، بل باتت لوحات الإعلانات في المراكز التجارية والجمعيات تعلن عن رغبة عائلات سعودية بتوظيف حاضنة أطفال سعودية الجنسية حصراً، وذلك «لأنها على معرفة بالمجتمع وعاداته وتقاليده وأكثر حفاظاً على الأولاد من الخادمات الأجنبيات» كما تقول أم محمد.
ويبدي بعض السعوديين ردود فعل متناقضة تجاه ذلك ومنهم سعيد الغامدي، الذي رفض الفكرة من أساسها، ويقول:«هناك الكثير من النساء العاطلات ومنهن الفقيرات والمحتاجات للوظيفة، لكن هذا لا يجعل من المقبول اجتماعياً عمل المرأة السعودية في خدمة أطفال مواطنيها السعوديين»، ولهذا يأمل «انحسارها كي لا تسيئ إلى فتياتنا». وفي المقابل لا يمانع أبو وحيد عمل ابنته الطالبة الجامعية في فترة الصيف مثلاً «فهي بذلك تشغل وقتها بالمفيد، وتعتاد المسؤولية لتكون زوجة وأماً». ورغم ذلك، إلا أن النساء يرين بهذه الوظيفة حلاً لمشاكلهن، خاصة إذا كن عاملات، كما هو حال أم عبد الله وتقول: «احتاج بيبي سيتر تكون موثوقا بها وليس لديها أطفال كثر لتهتم بطفلي الذي يبلغ الشهرين»، لكن هذه المرأة لم تجد طلبها حتى اليوم، وهذه الشروط التعجيزية تؤكدها حاضنة الأطفال نهى محمد: «قد يطلب منا أحياناً أن نداوم في منزل العائلة، وقد نضطر أحياناً للسهر حتى ساعات متأخرة في حالة وجود مناسبات لدى تلك العائلة»، ومهما اختلفت الآراء حول الموضوع فإن المجتمع السعودي بدأ يشهد وجود «بيبي سيتر» سعودية قادرة على الحلول مكان العاملة الأجنبية، مع ما تتمتع به من مميزات ترجح كفتها عن غيرها من الجنسيات.
منقول
جريدة الشرق الأوسط