الحلقة الثامنة : ترحيب أثار استغرابي!!
رحت في غفوة قصيرة وفتحت عيني لأسمع صوتا خافتا يقول : الحمد لله على سلامتك كدت أن تضيع من بين أيدينا ولكن الله سلم ..
أقوى حاسة عند النائم عندما يستيقظ هي حاسة السمع لذلك فالإذن تسجل كل ما يدور حتى قبل أن ينتبه الذهن والنظر والحواس الأخرى..
لم أستوعب ما سمعته في البداية وأخذت أجول بنظري في الغرفة لعلي أستطيع أن أتذكر السبب الذي أتى بي إلى هذا المكان ولماذا أنا هنا مستلق على هذا السرير ومن هم أولئك الذين يدورون حولي و يرتدون ملابس خضراء و أقنعة تخفي أفواههم وأنوفهم ؟!
ما هذه الرائحة الغريبة التي أشمها ولماذا كل هذه الأنابيب المتصلة بجسدي وما هذا الدوار الذي أشعر به الآن ثم فجأة تذكرت كل شيء تذكرت أنني قبل بضع دقائق كنت في غرفة العمليات لإجراء عملية بسيطة في المعدة وأنهم وضعوا قناعا على وجهي لتجهيزي للعملية فلماذا لم يتم إجراء العملية حتى الآن ؟! نظرت إلى الطبيب الذي كان بدوره ينظر إلي في مزيج من المشاعر المتضاربة !!
سألت الطبيب : لماذا لم تجروا لي العملية حتى الآن يا دكتور ؟!
هل حدث شئ ما أخر العملية ؟!
أقترب مني وهو يبتسم تلك الابتسامة المميزة لدى الأطباء والتي لا تدري هل هي ابتسامة لطمأنتك عن حالتك أم ابتسامة قبل إخبارك بقرب وفاتك!!
قال وهو يقترب بوجهه من وجهي ويحدثني بصوت خافت وكأنه يخاف أن يسمعنا أحد : الحمد لله لقد أجرينا لك العملية وحالتك مستقرة حاليا كدنا أن نفقدك ولكن ربك ستر ..
قلت في نفسي : متى أجروا العملية ؟! فأنا أتذكر منذ دقائق قليلة فقط كنت قد وضعت القناع على وجهي فكيف انتهت العملية بهذه السرعة ؟!
وما معني قوله كدنا أن نفقدك ولكن ربك ستر ؟!!!
نظرت إلى الساعة المعلقة أمامي على الحائط والتي كانت تشير إلى العاشرة مساء وتذكرت أنني دخلت إلى غرفة العمليات حوالي الساعة العاشرة صباحا والعملية كما أخبرني الدكتور من قبل أنها لا تستغرق سوى ساعة ونصف على أقصى تقدير والفترة التي تفصل ما بين إجراء العملية والاستيقاظ من تأثير المخدر لا تتجاوز الثلاث ساعات بأي حال من الأحوال فكيف نمت طوال هذه الفترة ؟! .. وما الذي حدث خلال هذه الفترة ؟!