عرض مشاركة واحدة
قديم 30-12-2005, 08:27 PM   رقم المشاركة : 30
ابو ياسر




معلومات إضافية
  النقاط :
  الحالة :

 

افتراضي




الحلقة العاشرة : الوحدة القاتلة

أخرجوني بعد ذلك من غرفة العمليات التي كادت أن تشهد نهايتي ودفعوا السرير الذي كنت مستلقي عليه متجهين إلى قسم العناية المركزة .. وأنا بلا حول لي ولا قوة .. أدخلوني إحدى الغرف ولم يكن بها أحد سواي..
كانت الغرفة تسبح في أنوار خافتة فلقد انتصف الليل وخفت الحركة إلا من بضع ممرضات هنا وهناك ينتظرن انتهاء مناوبتهن الليلية ..

الذي جرب أجواء المستشفيات في الليل سوف يحس بالشعور الذي راودني حينها .. شعور قاتل بالوحدة .. ممرات المستشفى شبه خالية .. صوت الأنين الصادر من بعض المرضي .. عامل النظافة الذي يظهر ويختفي كالطيف .. حاولت أن أنام لكني لم أستطع .. كنت مستلقيا على ظهري ..أفكر بما قاله الطبيب منذ قليل .. لم يكن باستطاعتي أن أغير من وضع الاستلقاء على ظهري الذي كان يزعجني .. أريد أن أنام على جنبي.. ولكن الآلام التي كنت أشعر بها كانت تجعل من المستحيل علي أن أتخذ الوضع المريح في النوم .. ما أقسى العجز .. يا له من شعور مرير أن لا يستطيع الإنسان أن يقوم بأسهل الأمور التي كان يقوم بها وهو صحيح معافى .. أن يتمنى أن يستطيع أن يتحرك إلى الجانب الأيمن أو الأيسر .. أن يذهب إلى دورة المياه .. أن يجلس .. أن يمشي .. أمور كان يفعلها في الماضي بكل سهولة وهاهو الآن يجاهد لكي يقوم بما كان يقوم به في السابق ولكن هيهات ..

أنا العائد صاحب الصوت الجهوري .. صاحب القوة العظيمة .. صاحب الجسد الضخم .. كم من أناس كانوا يخافون ويجفلون من نظراتي ..
يدي التي كنت أبطش بها .. رجلي التي كنت أمشي عليها .. لساني الذي كنت أعطي به الأوامر .. جبروتي وتمسكي برأيي .. كل هذه القوة التي كنت أملكها اختفت .. تلاشت .. صرت أضعف من أن أحرك جسدي ذات اليمين وذات الشمال .. عدت أضعف من الطفل الرضيع الذي يستطيع بعد عدة أشهر أن ينقلب على ظهره .. ويتشقلب .. أما أنا فلا أستطيع ..
لا أستطيع .. يا لهذا الضعف الذي شعرت به في تلك الليلة المظلمة
الكئيبة .. يا لقلة الحيلة التي أحسست بها وأن ملقى على ظهري فوق السرير وحيدا .. بلا أنيس ولا جليس .. بلا قريب أو صديق
يؤنس وحدتي .. وأبث له شكواي وهمومي سوى الله رب العالمين ..

تحاملت على نفسي ورفعت رأسي قليلا لأرى إن كان هناك من أحد بقربي .. إن كان هناك أحد أتحدث معه .. أشكو له حيرتي وخوفي وعجزي .. ولكن لم أستطع سوى تمييز السكون من حولي .. وأصوات بعض الأجهزة التي تصدر أزيزا هو للموت أقرب منها للحياة .. حاولت أن أتكلم .. أن أرفع صوتي لعل أحدا يسمعني .. ولكني لم أسمع سوى صدى صوتي تردده الجدران الصماء من حولي .. وصحوت على حقيقة مفادها أنني وحيد في هذا العالم .. نعم وحيد ..

لم يكن هذا مستغربا لأني لم أخبر أحدا من أقربائي بأنني على وشك إجراء عملية .. كنت أعتقد أنني لست بحاجة إلى وقوف أحدا بجانبي .. أنني حر نفسي أصنع ما أشاء ولا أحتاج إلى أحد من الناس .. كنت أنفذ ما أفكر به دون أن يستطيع أحد منعي .. بل لم يكن هناك أحدا قادرا على منعي ..
ألست أنا المغرور بقوتي ؟! .. ألست أنا الممتنع عن الناس ؟! .. ألست أنا
من يتحدى الذي يقف في طريقي ؟! .. ما حاجتي للناس؟! ... ما حاجتي للأقارب والخلان والأصدقاء .. لكم شعرت بالضعف والعجز حينها .. لكم وددت أن أفعل أي شيء في سبيل أن يقف أحدا معي في محنتي .. في أن يخفف من معاناتي ووحدتي .. في أن يكلني .. أن يستمع إلي ..
في أن يضع يده على رأسي ويدعوا الله أن يشفيني .. أين أنتم ؟! ... أين أنت يا والدي ؟! .. أين أنت يا أمي الحنونة؟!

(النهائة)

[line]



انا الحقيقة وقفت عند هذا الحد من كتابة الموضوع ، و لكن لتعلمو بان العايد فقد الكثير من وزنه جرا العملية و استعاد حياته التي فقدها و رزقه الله بالزوجة الصالحة .
و كان من اثار هذي العملية انه تعرف على ما يعرف بالكتابة القصصية في المنتديات و تخصص في الكتابة عن السفر و السياحة بشكل واسع فاصبح مرشد سياحي للكثير من محبي السفر و ذلك لحبة هو للسفر و المغامرة و التي قادته الي دول لا تحصى.
و بعد العملية بعدة اشهر و بعد ان فقد الكثير من الوزن عاد الي عشقة للسفر و المغامرة حول العالم ولكن برفقة زوجتة.

اتمنا ان يكون الموضوع قد نال استحسانكم


لكم الشكر و التحية






توقيع ابو ياسر
 
آخر تعديل ابو ياسر يوم 30-12-2005 في 11:49 PM.
  رد مع اقتباس